تابعنا

تعديل

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

أسباب الإباحة





 أسباب الإباحة 

المقدمة 
سبق وأن ذكرنا بأن الركن الشرعي المتمثل في الصفة الغير المشروعة للسلوك الإجرامي يتكون من عنصرين هما خضوع هذا السلوك لنص التجربي وعدم توفر سبب من أسباب الإباحة ومنه فقد يرتكب الفرد عملا ينطبق عليه نص التجريم الوارد في قانون العقوبات ومع ذلك لا يعتبره الق جريمة كمن يقتل للدفاع أو بجرح بهدف القيام بعمل طبي أو يضرب للتأديب ويعني ذلك أنه لا يكفي أن يتطابق الفعل مع نص تجريمي ساري المفعول إذ يجب علاوة على ذلك أن نتأكد من عدم وجود سبب يبرر الأفعال إذ أن وجود سبب للتبرير يخرج هذه الأفعال من دائرة التجريم ويعيدها ثانية إلى دائرة الإباحة والتي هي مجال موضوعنا اليوم محاولين أن نجيب على الإشكاليات التالية :

               ما المقصود بأسباب الإباحة ؟ وكيف قسمها القانون

مط1) تعريفها .مصادرها. آثارها .

     الفرع01: تعريفها:   ترد على أفعال لها صورة وقائع إجرامية ولكنها ليست جرائم غالبية الفقهاء ترى بأنها قيود ترد على نص التجريم فتعطل مفعوله ولذا فهي تنعكس على الركن الشرعي للجريمة فتبطله إذ تخرج الواقعة من دائرة التجريم إلى دائرة الإباحة .

     الفرع02: مصادرها:
إضافة إلى قانون العقوبات ففي الإباحة يجوز القياس كما يجوز الإستناد إلى قواعد العرف أو الشريعة الإسلامية أو إلى نصوص القوانين الوضعية لتقرير وجود سبب إباحة

     الفرع03: الآثار:
يعد الفعل الذي يخضع لسبب من أسباب الإباحة فعلا مشروعا ويترتب على ذلك إعتبار كل من ساهم فيه كفاعل أصلي أو كشريك بريء بإعتباره قد ساهم في عمل مشروع أو مبرر فأسباب الإباحة تمحو عن الفعل صفته الإجرامية .

مط2)أسباب الإباحة في قانون العقوبات الجزائري .

نص قانون العقوبات الجزائري على أسباب الإباحة في المادتين 39/40 وقد جاء النص على النحو التالي :  المادة39  " لا جريمة:
  -إذا كان الفعل قد أمر أو أذن به القانون .
  -إذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع عن النفس أو عن الغير أو عن مال مملوك للشخص أو للغير بشرط أن 
    يكون الدفاع  متناسبا مع جسامة الإعتداء 

المبحث الثاني: ما يأمر به القانون .

   مط1) تنفيذ أمر القانون.
إن الافعال التي يأمر بها القانون يكمن سبب إباحتها في النص القانوني،فمن غير المنطقي ان يأمر القانون بفعل معين ثم يجرمه فإذا ما رأى المشرع ضرورة التدخل بتعطيل نص التجريم وتبرير الخروج عليه في حالة معينة فإن ذلك يعني إباحته ضمن الشروط التي حددها القانون. من الأمثلة على ما يأمر به القانون: الشاهد مثلا المطلوب منه الإدلاء بشهادته بموجب المادة 89 قانون الإجراءات الجزائية لا يرتكب جريمة إفشاء الأسرار أو القذف والسب بحق المتهم عند الإدلاء يشهادته،كذلك ما ورد في قانون الصحة العمومية حيث يأمر كل طبيب بالتبليغ عن حالة مرض معدي ولا يعد هذا التبليغ جريمة إفشاء سر المهنة المعاقب عليها بالمادة 301 من قانون العقوبات.

  مط2)تنفيذ الأمر الصادر من سلطة مختصة.
تنفيذ الأمر الصادر عن سلطة مختصة يدخل ضمن إباحة الأفعال بناءا على أمر القانون فالقانون يوجب على الموظف المرؤوس إطاعة رئيسه طبقا للتدرج التسلسلي في الوظيف العمومي وهذا ما هو إلا تطبيقا لما أمر به القانون .
مثال ذلك: بناءا على أمر السلطة المختصة يقوم الموظف المختص في تنفيذ حكم الإعدام ففعله هذا لا يعد جريمة قتل ولا تنطبق عليه المواد 254 وما يليها من قانون العقوبات كذلك تنفيذ أحد أعوان القوة العمومية لأوامر قاضي التحقيق باحضار المتهم جبرا عنه بالقوة أو إلقاء القبض عليه لا يجعله مرتكبا لجريمة الإعتداء على الحريات الفردية طبقا للمادة291 ق.ع .
ويتطلب القانون إصدار أوامر السلطة بشكلية معينة فيجب مراعاتها مثال: وجب إصدار أمر الإحضار عن قاضي التحقيق كتابة (المادة109 قانون الإجراءات الجزائية) ففي هذه الحالة يجب على عون القوة العمومية أن يتلقى أوامر بالأحضار (فليس له أن ينفذ بلا أمر الإحضار مدعيا أنه ينفذ أمر القانون مباشرة) كما لا يجوز له إحضار المتهم بدون إحضار كتابي مدعيا أنه تلقى الأمر شفهيا .
وبالتالي مراعاة الشكل المطلوب قانونا هو أمر لازم لاعتبار أن الفعل مباح متى صدر الأمر عن سلطة مخولة باصداره قانونا ونفذ من جانب الموظف المختص بتنفيذه حسب القواعد القانونية أيضا .

المبحث الثالث: ما يأذن به القانون . 

يقصد بها أن القانون يجيز في حالات معينة ويسمح بممارسة عملا كان بغياب هذا السماح عملا مجرما .
ويكمن الفرق بين ما أمر به القانون وما أذن به القانون في أن الأول إجباري وجب القيام به ويترتب على مخالفته المسؤولية الجنائية في حين أن الثاني يسمح للمخاطب بالقاعدة أن يستعمل رأيه الشخصي في القيام بالعمل أو الإمتناع عنه فإذا قام بالعمل فلا جريمة لأن العمل يأذن به القانون وتتنوع الأعمال التي ياذن بها القانون ويمكن حصرها في مطلبين هما كلآتي:

  مط1) إستعمال الموظف العام لسلطة تقديرية لمباشرة عمله.
منح القانون للموظف العام سلطة تقديرية في مباشرة أعمال وظيفته يستند في ذلك إلى أن العمل مباح يأذن به القانون،وأحكام ذلك كشيرة في قانون الإجراءات الجزائية وعلى سبيل المثال يجيز القانون: لمأمور الضبط القضائي تفتيش المنازل م44 والإطلاع على المستندات م45 ومنع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة ريثما ينتهي من إجراءات تحرياته م50 وله أن يحتجز شخصا أو أكثر م51 كل ذلك طبعا ضمن شروط يحددها القانون وإتباعها أمر ضروري وإهمالها أو تجاوزها يجعل العمل غير مشروع مثل وجوب حضور صاحب المنزل أثناء عملية التفتيش وبغيابه يستدعى من ينوب عنه وإذا تعذر ذلك وجب التفتيش بحضور شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطة مأمور الضبط القضائي فإذا لم تراعى هذه الشروط إعتبر القيام بالتفتيش عملا باطلا م48 لا يمكن تبريره وإعتباره سببا للإباحة مع وجوب تنفيذ هذه الأعمال بحسن النية وإلا فإن الأفعال تعد غير مشروعة ولا تبرر إباحتها.

مط2) ممارسة أحد الحقوق المقررة .
يدخل ضمن الأعمال التي يأذن بها القانون ممارسة الشخص لحق مقرر له في القانون إذ يقصد به كل قاعدة قانونية بمعنى عام كالعرف والشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية الأخرى ويمكن حصر هذه الحقوق في الآتي :
    01/حق التأديب:  تقرر الشريعة الإسلامية أن للزوج حق تأديب زوجته ضمن التقيد بالغاية التي منح من أجلها هذا الحق وفي حدود الوسائل التي قررتها، فالغاية هي التأديب والوسيلة هي أن يلجأ الزوج إلى الوعظ ثم الهجر وأخيرا الضرب فإذا بدأ بالضرب فإن عمله غير مبرر ولا يمكن له أن يحتج بحقه في التأديب .
كما يحق للاب أن يؤدب إبنه وهو حق يتعلق بالولاية عن النفس وشرط تبرير هذا الفعل هو تقيد الإب بغاية تأديب إبنه . ويساهم العرف أحيانا في تقرير هذا الحق إذ للمعلم أن يضرب تلميذه ضربا خفيفا بهدف التأديب...
   02/حق مباشرة الأعمال الطبية:   العمل الطبي لا يجمل بذاته إعتداءا على جسم المريض فهو على العكس يسعى إلى شفائه ليستعيد سيره الطبيعي أو تخليصه من أي آفة لحقت به وإباحة العمل الطبي تقتضي مراعاة شروط معينة هي:
        -الإختصاص في العمل: أي أن يكون المعالج طبيبا والطبيب هو أحد خرجي كلية الطب حاصل على مؤهل دراسي يسمح له بموجب قوانبن البلاد ممارسة مهنة الطب وعليه فلا تباح أفعال بعض الأشخاص الذين يتعاطون بعض الأعمال والتي يدعون أنها تحقق الشفاء حتى ولو ثيت ذلك بالممارسة.
       -موافقة المريض على العلاج: إن القانون لا يجبر الأشخاص ولا يجيز للأطباء إجبارهم على التداوي إحتراما لما لجسم الإنسان من حصانة ويرى أن يتقيد هذا الحق بنوع المرض الذي يريد علاجه .
ولكن ما القول لو كان المرض معديا او يخشى منه على الصحة العامة؟؟؟ في هذه الحالة يكون العلاج إجباريا تحقيقل لمصلحة إجتماعية أجدر بالرعاية وهي مصلحة الناس لكي لا ينتقل لهم المرض.
      -تحقيق الغاية: يقصد بالعلاج مداواة المريض وبهذه الغاية ترتبط الإباحة فإذا كان العلاج بقصد إجراء تجربة علمية فإن ذلك يبعد الفعل عن أسباب التبرير ويعد عندها عملا غير مشروعا.
  03/ممارسة الالعاب الرياضية: تفترض بعض الالعاب الرياضية أن يقوم المنافس بالمساس بجسم منافسه عمدا كما في رياضة الملاكمة أو المصارعة أو الجيدو... فهل يعد ذلك إعتداءا ؟؟؟ يأذن القانون ويعتبر عملا مباحا ممارسة الألعاب الرياضية التي ينتج عنها ما يمكن أعتباره مساسا بجسم الآخرين ويشترط كي يعتبر العمل مباحا في هذه الحالة أن تكزن اللعبة من الألعاب التي يقرها العرف الرياضي كما يشترط أن يقع الفعل موضوع الأباحة أثناء ممارسة اللعبة على المتنافس الآخر الذي إشترك بالمنافسة باختياره دون أن يتجاوز الجاني قواعد وقوانين اللعبة.

الخاتمة
مما تم التعرض إليه نستخلص أن مصادر الإباحة لا تنحصر في قانون العقوبات كما هو الشلأأن في نصوص التجريم .
كما أنه لا يجوز القياس بحيث لا نجرم فعلا مباحا وذلك إستنادا لنصوص القوانين أو قواعد العرف أو الشريعة الإسلامية لتقرير سبب الغاحة كما هو الشلأأن في قانون العقوبات الجزائري فقد حدد أسباب التبرير في كل فعل يأمر أو يأذن به القانون وفي الدفاع الشرعي الذي هو موضوع البحث الموالي .   

1 التعليقات:

Unknown يقول...

اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علماً

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م