تابعنا

تعديل

السبت، 20 يوليو 2013

المسؤولية عن العمل الشخصي




المسؤولية عن العمل الشخصي


المبحث الأول : الخطأ في المسؤولية التقصيرية

المطلب الأول : مفهوم الخطأ

الخطأ ركن المسؤولية التقصيرية الأول. وهو في نفس الوقت أساسها ذلك أنه لا يكفي أن يحدث الضرر بفعل شخص حتى يلزم بتعويضه، بل يجب أن يكون ذلك الفعل خطأ، فالخطأ شرط ضروري للمسؤولية المدنية، وقد اشرطته جميع التقنيات العربية غير أنه اختلف الفقهاء اختلافا متباينا في تعريف الخطأ التقصيري. فمنهم من يأخذ بالنظرية التقليدية للخطأ، ومنهم من يعول على نظرية تحمل التبعة. والمستقر عليه فقها وقضاء الآن أن الخطأ في المسؤولية التقصيرية هو إخلال الشخص بالتزام قانوني مع إدارته لهذا الإخلال. والذي يعني الانحراف في السلوك المألوف للشخص العادي، 

المطلب الثاني : عناصر الخطأ 

ويقوم الخطأ بهذا المفهوم على عنصرين، وهما العنصر المادي والعنصر المعنوي، فالأول يتضمن التعدي أو الانحراف وهو الإخلال بالالتزام القانوني العام بعدم الإضرار بالغير.ولا أهمية في مجال المسؤولية التقصيرية للتسيير بين الخطأ العمدي وغير العمدي ولا بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير، فكل منهما يوجب تعويض الضرر ولا فرق أيضا بين أن يتخذ انحراف الشخص مظهرا إيجابيا كإتلاف مال الغير أو مظهرا سلبيا كالامتناع عن إضاءة مصابيح السيارات أثناء السير ليلا. وسواء وقع الانحراف عمدا أو إهمالا. وقد اتفق رجال الفقه والقضاء  أن المعيار الصحيح لقياس التعدي هو المعيار الموضوعي. الذي ينطوي على تسليم جزئي بقيام المسؤولية على تحمل التبعية إذ يفترض في الناس جميعا أن يبلغوا درجة من اليقظة والفطنة كالرجل العادي الذي عرفه القانون برب الأسرة العادي.إن  المعيار الموضوعي لا يتغير من شخص إلى آخر ولا يتعلق بالأمور الخفية المتصلة بشخص المعتدي بل هو مقياس ثابت بالنسبة للجميع.إلا أن هذا المعيار الموضوعي يفترض عدم إسقاط الظروف الخارجية التي تحيط بالتعدي، كظروف الزمان والمكان التي أحاطت بالفعل، وهذا معناه أن القاضي يضع الواقعة مجردة في إطار من الظروف الخارجية العامة ثم يبحثها عما إذا كان من الممكن للشخص العادي في مثل هذه الظروف أن يرتكب هذا الفعل أم أنه كان يستطيع تفاد وقوعه. كأن يقع الفعل الضار ليلا أم نهارا في طقس عادي أو غير عادي في طريق واسع منبسط أو ضيق متعرج.....إلخ.وإطار الإثبات يتعين على المضرور وهو المدعي التعويض، طبقا للقاعدة العامة في الإثبات أن يقيم الدليل على توافر أركان مسؤولية المدعى عليه ومن بينها ركن الخطأ. وذلك بإثبات أن العندي انحرف عن سلوك الرجل العادي، بكافة طرق الإثبات بما فيها البنية والقرائن.


أما العنصر الثاني فهو المعنوي الإدراك أي ضرورة القصد أو على الأقل التمييز فيجب لقيام الخطأ التقصيري، أن يكون من وقعت منه أعمال التعدي، مدركا لها أي قادرا على التمييز بين الخير والشر، فلا مسؤولية لعديم التمييز، أيا كان نوع هذه المسؤولية جنائية أو مدنية.
وعليه فإن القانون يشترط فيمن صدرت عنه هذه الأفعال مكلفا أي إذا كان مميزا يستطيع أن يعي ما في سلوكه من انحراف، وقد جاء في نص المادة 125 ق.م بأنه يكون الشخص مسؤولا عن أعماله غير المشروعة من صدرت منه وهو مميز وقد حدد سن التمييز في ق.ج بالسادسة عشر وبذلك يعتبر مميزا وتصبح مساءلته مساءلة تقصيرية حتى يقوم الدليل على فقد التمييز لسبب عارض. مثل المجنون والمعتوه، أما ذو الغفلة والسنة تصبح مساءلتهم لتوافر التمييز لديهم أو عدم انعدامه انعداما تاما. وكذلك الشأن في المعتوه المميز، كما تنتفي المسؤولية    أيضا في حالة مرض النوم، والإصابة بالصرع والغيبوبة، والتنويم المغناطيسي وتناول المسكرات وتعاطي المخدرات وذلك لفقدان الوعي وانعدام التمييز.
ويجب لانتفاء المسؤولية أن يكون عديم التمييز في مكان المسؤول أما إذا كان مركز المضرور وينسب إليه إهمال ساعد على وقوع الضرر فيجب عملا بقواعد الخطأ المشترك لتخفيض المسؤولية عن المسؤول.

المبحث الثاني : الضـــرر والعلاقة السببية 

المطلب الأول : الضـــرر

        الضرر هو الركن الثاني من أركان المسؤولية المدنية سواء كانت تقصيرية أم كانت عقدية، فلا يكفي لقيام المسؤولية توافر ركن الخطأ، بل يجب أن ينجم عن هذا الخطأ ضرر فإذا انتفى الضرر فلا تقبل دعوى المسؤولية لأنه لا دعوى بغير مصلحة، وعلى من يدعى الضرر أن يثبته بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البيئة والقرائن لأن الضرر واقعة مادية. وقد اشترط المشرع الجزائري في المادة 124 ق.م ضرورة توافر الضرر لقيام المسؤولية التقصيرية، ذلك لنه مهما كانت جسامة الخطأ، فإنه لا يقيم وحده هذه المسؤولية ولا يكفي وقوع الخطأ وإنما يجب أن يترتب عليه ضرر. وإلا كانت دعوى المسؤولية نفسها غير مقبولة. ونظر لأهمية الضرر في هذا الصدد فسنبحث وفقا للمحاور التالية:
-مفهوم الضرر.
-أنواع الضرر.
-شروط الضرر الموجب للتعويض.
-إثبات الضرر.
مفهوم الضرر وأهميته
     الضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص من جراء المساس بحق من حقوقه أو بمصلحة مشروعة، وبمعنى آخر هو إخلال بمصلحة مشروعة، سواء كانت هذه المصلحة مادية أو دبية.
والضرر بهذا المفهوم شرط أولي لقيام المسؤولية المدينة وإمكان المطالبة بتعويض.
 أنواع الضرر
  الضرر نوعين: 
الضرر المادي: وهو ما يصيب الشخص في جسمه أو في ماله، فيتمثل في الخسارة المالية التي تترتب على المساس بحق أو بمصلحة سواء كان الحق حقا ماليا أو غير مالي. ويتمثل في الحقوق العينية أو الشخصية أو الملكية أو الفكرية أو الصناعية كما قد يترتب الضرر المادي عن المساس بسلامة جسم الإنسان، ويترتب عن ذلك خسارة مالية كان ضررا ماديا مثل العجز عن الكسب أو نفقات العلاج.
أما الضرر المعنوي: فهو الذي يلحق الشخص في غير حقوقه المالية أو في مصلحة غير مالية، فهو ما يصيب الشخص في

كرامته أو في شعوره أو في شرفه أو في معتقداته الدينية أو في عاطفته.
وقد توسع القضاء في مفهوم المصلحة الأدبية فاعتبرها ضررا أدبيا ما يصيب الشخص من جراء السب أو القذف من إيذاء للسمعة. أو عن آلام النفس وحرمة عائلته وشرفها، وقد أجمع الفقه والقضاء على أن الضرر الأدبي يستوجب التعويض كالضرر المادي. غير أن القانون المدني الجزائري لم ينص بصراحة العبارة عن التعويض الأدبي، وإنما صياغة المادة 124 ق.م جاءت مطلقة لا تميز بين الضرر المادي والضرر الأدبي.
الضرر المرتد: وهو الضرر المنعكس، لأنه يقع بطريق الارتداء لضرر آخر ويكون نتيجة له، ويعتبر ضررا مباشرا بتعيين التعويض عنه ومن أمثلة ذلك الضرر الذي يلحق الأسرة نتيجة موت عائلتهم في حادث. والضرر الذي يلحق الزوجة نتيجة فقد زوجها قدرته الجنسية.
شروط الضرر الموجب للتعويض
            يشترط لتحقيق الضرر الشروط التالية:
            1-المساس بحق أو بمصلحة مالية للمضرور.
            2-أن يكون الضرر محققا.
            3-ألا يكون قد سبق تعويضه.
            4-أن يكون الضرر شخصيا.
إثبات الضرر
            الضرر أمر مادي، ومن ثم فيجوز إثبات وقوعه بكافة الطرق، ويقع عبء الإثبات على من يدعيه وذلك وفقا لما تقض به القاعدة العامة من أن المدعى هو المكلف بإثبات ما يدعيه " البينة على من ادعى" وإثبات حصول الضرر أو نفيه من الأمور الواقعية التي تقدرها محكمة الموضوع، ولا رقابة فيها للمحكمة العليا. أما تحديد الضرر وبيان عناصره وموجباته وتكييف نوعه، كلها تخضع لرقابة المحكمة العليا لأنها مسائل قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع للرقابة.

المطلب الثاني : العلاقة السببية بين الخطأ والضرر

        لا يكفي في قيام المسؤولية المدنية حصول ضرر لشخص ووقوع خطأ من شخص آخر، بل لابد أن يكون هذا الخطأ هو السبب المباشر في حدوث الضرر وإلا انعدمت المسؤولية.
فعلاقة السببية هي الركن الثالث للمسؤولية التقصيرية وتنفق فيه مع المسؤولية العقدية. وقد نصت المواد 124، 125، 126 ق.م على ضرورة توافر ركن السببية بين الضرر والخطأ لقيام المسؤولية التقصيرية، وكذلك الشأن بالنسبة للمسؤولية عن عمل الغير والمسؤولية الناشئة عن الأشياء وقد قام الفقه الحديث بدراسة رابطة السببية بوجه خاص عند تعدد الأسباب التي اجتمعت على إحداث ضرر واحد، وعند تعدد النتائج المتسلسلة عن سبب أحلى واحد، وللتسيير بين الخطأ ورابطة السببية يقول الفقه أن رابطة السببية تستقل تماما في كيانها عن الخطأ، فقد توجد بغير خطأ، كما إذا تسبب الشخص بفعله غير الخاطئ في وقوع ضرر لآخر، فلا تقوم المسؤولية لانعدام الخطأ، وقد يوجد خطأ بغير السببية ومثال ذلك لمن يضع سما للمجني عليه، وقبل أن يحدث السم أثره، قتله شخص آخر بعيار ناري، فثمة خطأ صدر عمن دس السم. ولكنه لا يسأل عن قتل المجني عليه.

على أن تقدير توافر السببية أو عدم توافرها يكون في بعض الأحيان دقيقا إذا تعددت الأسباب التي أدت إلى وقوع الضرر بحيث لا يكون خطأ المدعى سوى أحدها، وكذا إذا نشأت عن الخطأ أضرار متلاحقة.
والسؤال الذي يثور هو هل يلتزم المدعى عليه الذي كان خطأه أحد هذه الأسباب بتعويض الضرر كاملا أوعما إذا كانت المسؤولية تتوزع على من تنسب إليهم هذه الأسباب أو الأخطاء. والحقيقة أنه يقتصر التزام المرء بتعويض الضرر على قدر ما تسبب فيه منه.
إثبات السببية ونفيها
إن رابطة السببية ركن مستقل، والخطأ ركن مستقل والضرر ركن مستقل أيضا، ومن هنا فإن من يدعي التعويض يجب أن يثبت أركان المسؤولية جميعا بما فيها رابطة السببية.
ويشترط لقيام علاقة السببية بين الخطأ وبين الضرر أن تكون علاقة محققة بين الفعل الضار والضرر، وأن تكون مباشرة أي ناشئة عن الفعل الضار مباشرة لا عن أضرار متعاقبة.
السبب الأجنبي La cause étrangère
تنص المادة 127 ق.م على أنه:" إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ من سبب لابد له فيه كحادث مفاجئ، أو قوة قاهرة، أو خطأ صدر من المضرور،      أو خطأ من الغير،كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر، ما لم يوجد نص قانوني      أو اتفاق يخالف ذلك.
فالمقصود بالسبب الأجنبي عن المدعى عليه هو كل فعل أو حادث لا ينسب إليه، ويكون قد جعل منع وقوع الفعل الضار مستحيلا، ويظهر من هذا التعريف أن للسبب الأجنبي ركنين هامين وهما: ركن السببية وركن انتقال السند.
والمقصود بالركن الأول أنه يستحيل على المدعى عليه استحالة مطلقة أن يتصرف بخلاف ما فعل، ويتم تقدير هذه الاستحالة بمعيار موضوع مجرد، وهو معيار الرجل المعتاد * بمثل الظروف التي وجد بها المدعى عليه.
أما الركن الثاني فمعناه أنه لابد أيضا أن يكون الحادث خارجا عن إرادته، وألا يمكن إسناده إليه بأي حال، هذا ولا يكون الحادث سببا أجنبيا إلا إذا استوى ثلاثة شروط،وهي : عدم إمكان درء نتائجه-غير متوقع الحصول-وغير ممكن تلافيه.
إن الحادث المفاجئ والقوة القاهرة: أمر لا يمكن نسبته إلى المدعى عليه أي لابد له فيه، فالقوة القاهرة والحادث الفجائي تنفيان العلاقة السببية بين فعل المدعى عليه والضرر والعكس صحيح.
خطأ المضرور: المقصود به أن يصدر من المدعى أو المضرور انحراف، وأن يؤدي هذا الانحراف إلى حدوث الضرر الذي أصابه أو إلى استفحاله، فإذا وقع الضرر نتيجة خطأ المضرور ذاته فإنه تنتفي علاقة السببية بين الخطأ الصادر من شخص آخر وبين هذا الضرر، وعلى المدعى عليه أن يثبت أن المصاحب قد تسبب بخطئه في حدوث الضرر الذي أصابه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م